آراء

ما يحصل في الموصل من تطورات سياسية أثرت بشكل جدي على المشهد السياسي خاصة وان أغلب المكونات العراقية فشلت في إدارة ملف هذه المحافظة التي نفضت غبار داعش وملحقاته بعد تضحيات كبيرة ليصاب أهلها بخيبة أمل وخذلان نتيجة الفشل السياسي والتخبط في إدارة ملف المحافظة التي تشكل ثقلاً مهماً في الحياة السياسية العراقية.

لم تكن زيارة بارزاني الى بغداد بروتوكولية بقدر ماهي حساسة ومهمة وكان أخطر ما فيها من ملفات كان ملف الموصل الذي فشل الكرد في الأستحواذ على ماكان يتوقعوه في أنتخابات مجالس المحافظات التي اشرت التحالفات السياسية فيها فشل جميع المكونات العراقية لكون اغلب الزعامات التي عملت فيها وهمية وبعيدة عن تطلعات المواطن الموصلي الذي بدأ يتجه الى كتل اخرى لعله يجد ضالته بعد فشل ممثلي المكونات العراقية في بغداد وعدم معرفتهم بما يجري في الموصل من موازنات متغيرة اوجدتها ضرورات المرحلة وحالة اليأس التي وصلتها الناس .

تمر الموصل الان بأصعب مراحلها خاصة وأن الفشل في إدارة ملفها اصبح مزمن وعلاجاته القيصرية لم تعد كافية لمعالجة الآفات الخطيرة التي تحاول شق الجسد الموصلي وأحداث تغيير جوهري نتيجة تمدد حركات سياسية ناشئة لها توجهات وأبعاد مختلفة عن توجهات الموصليين الذين يؤمنون بالقومية والبعد الوطني للنظام السياسي لكنهم وضعوا بين المطرقة والسندان وليجربوا العمل مع هذه الحركات ايمانا بالمقولة (الغركان يجلب بسباحة ) ومانخشاه على الموصل وأهلها التواصل بالفلسفة الموصلية القديمة التي تؤمن بالقائد الذي يحكم بغض النظر عن توجهاته الفكرية سيجعل المحافظة تخسر كثيراً وتبتعد عن مرحلة التطور العمراني التي بدأتها بعد التحرير .

تمدد كتلة ريان الكلداني وتوجهات سياسية اخرى في الموصل على حساب كتل سنية وكردية فشلت فشلاً ذريعاً وأصبح بعضها يعاني الأضمحلال نتيجة التخبط في ادارة المحافظة ووجود إدارات وهمية مما يتطلب تدخلات سياسية وأستراتيجيات بعيدة المدى لأعادة الامور الى وضعها الطبيعي لتستعيد الموصل عافيتها وتشارك في بناء المشهد السياسي العراقي لما يمتلكه ابناءها من بعد وطني 

لكن الأهم أن مايجري الموصل سيعيد فتح النقاش المثير للجدل حول مستقبل العراق لذا يسعى الأكراد الآن إلى إرساء الأسس التي تكفل انتصار رؤيتهم إلا أن ذلك لن يمرّ من دون عواقب. 

فمع أن الأكراد والعرب السنّة قد يتّفقون على تأثير بغداد  بيد أنهم يختلفون حول ما إذا ينبغي أن يبقى العراق دولة واحدة – ولاسيما في ظل غياب الرؤية الموحّدة حتى في صفوف العرب السنّة أنفسهم بشأن الدولة التي يؤمنون بها .

قد تشكل الموصل منعطفاً حاسماً للدولة العراقية التي لم تتوصّل بعد إلى صياغة ترتيب سياسي وطني توافقي كفيلٍ بإرضاء طوائفها كافة.