علي الحياني
14/07/2021
لابد من التوضيح أن المقال لايحمل بعداً سياسياً، فهو عبارة عن تجربة فريدة لم تكن بالحسبان، فلم يخطر ببالي يوماً ما بزيارة إيران لأسباب مختلفة، ربما يكون للجانب السياسي والاجتماعي تأثيراً في ذلك. منذ سنوات وأنا أعاني من تراجع في مستوى النظر، وخاصة في ظل تزايد ساعات العمل التي أقوم بها يومياً في العمل الصحافي الذي يتطلب جهداً يرهق العين، وبالرغم من كل الزيارات المتكررة لأطباء العيون في مختلف المدن العراقية، لكن جميعهم لم يعطوني أملاً يضمن لي رؤية سليمة تعينني على ماتبقى من العمر. ورب للصدفة خير من ألف ميعاد كما يقول المثل العربي، ومن المحاسن القليلة لمواقع التواصل الاجتماعي، وفي ظل متابعتي للصفحات التي تهتم بالسفر لإيران، تعرفت على صديق عزيز بمثابة أخ، يحمل كرم وأخلاق مدينة كربلاء الحسين التي ينتمي لها، دلني على سيدة تحمل كل صفات الإنسانية بكل معانيها، وبالرغم من تحذيري من السفر لإيران ومن السيئيين والمبتزين فيها، لكن تلك السيدة كانت عبارة عن نخلة شامخة من دماثة الأخلاق وصفات النجباء. وبالعودة للمثل أعلاه فكانت خير صدفة وأفضل من مليون موعد، لم تكن السيدة مريم جادري مترجمة فقط، بل كانت إنسانة وهذه الكلمة تحمل جميع المعاني، ففي هذه الحياة يوجد الملايين من الذكور والأناث!، ولكن هناك القليل من الإنسانيين، هؤلاء الذين ينظرون لمن هو مقابلهم بعيداً عن الأنتماء الديني والطائفي والقومي، ويجعلون التعامل الإنساني أساساً لهم. كانت السيدة مريم جادري من هذا النوع، أختاً، عاملتني بكل معاني الأخوة، وأن كنت حاملاً في فكري شيئاً سلبياً عن إيران وشعبها، فقد غيرت هي تلك الصورة النمطية، وجعلتني أنظر للنصف المليان من الكأس ففيه الصالح وفيه الطالح، ولها الفضل بعد الله أن أعادت لي نظري الذي سيعينني على مواجهة صعاب الحياة في ماتبقى مما كتبه الله لنا من عمر، ودلتني على أحد أمهر الأطباء في إيران والعالم، بل وأكثرهم أخلاقاً وتواضعاً، وهو الدكتور وحيد عبد الرحيمي، الذي لمجرد أن ترى أبتسامته التي يقابلك فيها باستمرار تشعر بالراحة النفسية وزوال الوجع والألم. طيلة أكثر من 14 يوماً قضيتها في إيران، كانت تجربة ممتعة، تعلمت منها من أن الشعوب لاعلاقة لها بالحكام، والشعب الإيراني يحمل حضارة عظيمة ومايزال يتمسك بها، رغم محاولة الإعلام رسم صورة أخرى عنه، على أنه شعب متخلف بائس! لكن الواقع يشير إلى أنه يواجه الصعاب اليوم بإصرار وتحدي، وأبعد مايكون ذلك الشعب عن الصراع الطائفي، رغم أنه بلد متعدد المكونات والطوائف. وبالرغم من عدم إجادتي للغة الفارسية، وعدم إجادة أغلب الشعب الإيراني للغة العربية التي أتكلم بها، لكن غالبية الذين واجهتهم سواءً في المشفى أو الفندق أو السوق أو الشارع العام، يحاولون إظهار الابتسامة والتمتمة بكلمات عربية قصيرة، تعبر عن الحب لي وللعراق بشكل عام ومحاولة تقديم المساعدة. كانت تجربة رائعة غيرت الصورة التي كانت مرسومة بداخلي، وأيقنت من خلالها بأنه لاحكم بالمطلق، والنظر غير السمع.. والسلام
6/9/2023
الحلبوسي والزعامة الفطرية
9/5/2020
الكاظمي والخطوة الأولى
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group