آراء


عبد الزهرة الهنداوي

سنة واحدة لا تكفي

01/11/2022


بعد انسداد سياسي مُحكم، دخل فيه البلد في عنق زجاجة شديد الضيق، استمر لأكثر من عام، شهدنا فيه الكثير من الأحداث، التي  جعلتنا نضع أيدينا على قلوبنا، خشية أن ينكسر عنق الزجاجة، وتذهب مسارات الأحداث بعيداً نحو منزلقات خطيرة ومرعبة، ولكن الله سلّم .

أقول، بعد ذلك الانسداد وما رافقه ونجم عنه من تداعيات، فُرجت الأزمة، وقد تمثل هذا الانفراج بولادة حكومة جديدة، برئاسة المهندس محمد شياع السوداني، الذي تمكن من تقديم كابينته الوزارية في بحر اسبوعين من تاريخ تكليفه، وهي المدة الأقل التي ينجح فيها رئيس وزراء مكلف من اختيار وزرائه بالمقارنة مع رؤساء الحكومات السابقين، وهذه السرعة، تعطينا أملاً في أن تتمكن حكومة السيد السوداني من المضي بسرعة، في تفكيك الملفات الشائكة والمعقدة، التي تضمنها البرنامج الحكومي، الذي بدا شاملاً وطموحاً.

ومن المؤكد أن الخبرة والحنكة والمعرفة الواسعة التي يتوافر عليها السيد رئيس مجلس الوزراء، والتي مكنته من اختيار وزرائه بعناية، ستمنحه القدرة المناسبة لتنفيذ ما احتواه البرنامج الحكومي، بنحو يتناسب وظروف البلاد التي تواجه مشاكل كثيرة ومعقدة، في جميع المفاصل تقريباً، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتحت كل عنوان من هذه العناوين ثمة ملفات وإشكالات كثيرة وكثيرة جداً..

وقد جاءت الحكومة الجديدة ولم يتبق من هذا العام سوى شهرين فقط، وهنا سيكون التحدي الأبرز أمامها هو الانتهاء من إعداد موازنة العام المقبل، بعد أن مر هذا العام من دون موازنة، الأمر الذي أربك المشهد، في وقت تحصّل فيه البلد على الكثير من الإيرادات التي مثلت فائضاً مالياً جيداً، لو استُثمر بنحو سليم لكانت له آثار إيجابية في حياة الناس، ولذلك فإن الموازنة المقبلة ينبغي أن تكون مختلفة عن سابقاتها من جهة التحول نحو البرامج، وهنا افترض أن موازنة العام المقبل لن تتأخر أبعد من شهر كانون الثاني، مع وجود مجلس نواب يبدو من المقدمات أنه منسجم مع الحكومة وداعم لها، والتصويت على الكابينة والبرنامج الحكومي كان مصداقاً لذلك، فضلاً عن الدعم الدولي الذي حظيت به الحكومة الجديدة..

أما الملفات الأخرى التي أشرها البرنامج الحكومي، فلن يكون تفكيكها ومعالجتها سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً، في ظل التحديات الشاخصة في ثنايا المشهد العراقي..ملفات المياه، والنفط، والفقر، والبطالة، والعشوائيات، وشبكة الحماية الاجتماعية، التي يجب أن تتحول من الدعم إلى التمكين، وملفات الكهرباء، والغاز، والتعداد السكاني، وتنمية الأقاليم، والمشاريع المتلكئة، والمستمرة، والخدمات، والزراعة، والصناعة، والمنافذ، والقطاع الخاص، والإنفاق الاستهلاكي، والشباب، والرياضة وخليجي ٢٥، والأمن، والسلاح المنفلت، والفساد، وإعادة الإعمار، وسوى ذلك الكثير، وهذه كلها وغيرها، تستدعي من حكومة السيد السوداني، أن تركض ليل نهار بأداء مؤسسي محكم، من أجل تحقيق ما تعهدت به ضمن البرنامج الحكومي خلال سنة واحدة، بعد أن حدد البرنامج أن الانتخابات المحلية والبرلمانية، ستجري خلال السنة الأولى من عمر هذه الحكومة، لتأتي حكومة جديدة، وفقاً لنتائج الانتخابات.. وهنا يأتي السؤال الكبير، هل أن سنة واحدة كافية لتتمكن هذه الحكومة من أداء كل هذه الالتزامات؟

أملنا كبير في تحقيق نسبة نجاح مقبولة في ظل تحديات هائلة يمر بها المشهد العراقي.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام