آراء


محمد حنون كريم

قمة بغداد… تشكيك وتخوين وظروف دولية لم تمنع من تحقيق النجاح

18/05/2025

 
في ظل واقع عربي متشابك، وتحديات دولية ملتهبة، جاءت قمة بغداد كحدث استثنائي يعكس إرادة العراق في العودة إلى عمقه العربي والدولي بعد سنوات من العزلة والأزمات. ورغم التشكيك المسبق، والتخوين المتعمد، والاتهامات الجاهزة التي رافقت التحضير للقمة، فإن بغداد أثبتت  أن الإرادة السياسية حين تقترن بالإخلاص والرؤية، تصنع من الضعف قوة، ومن التحدي فرصة.

احتضان بغداد للقمة لم يكن مجرد استضافة بروتوكولية، بل كان رسالة واضحة بأن العراق قد عاد إلى دوره الطبيعي بين الدول العربية، لا كمجرد متلقٍّ للقرارات، بل كطرف فاعل يسهم في تشكيل المواقف والتوجهات.

بغداد، التي كانت حتى وقت قريب مسرحًا للتفجيرات والاضطرابات، تحولت في تلك الأيام إلى مركز ديبلوماسي محاط بأعلى درجات التأمين والتنظيم. وقدّم العراق مشهدًا جديدًا، يثبت أن الأمن والسيادة ليسا حلمًا بعيدًا، بل واقعًا يمكن تحقيقه رغم كل الظروف.

لم يخلو الطريق إلى القمة من أصوات أرادت إفشال الحدث، سواء من أطراف داخلية قلّلت من جدواه، أو من دول ومحللين شككوا في قدرة العراق على تأمين أو إنجاح قمة بهذا الحجم. البعض رأى فيها مجرد “شكليات”، وآخرون شككوا في نوايا الحكومة ، واتهموها باستخدام القمة لأهداف سياسية داخلية.

لكن الحقيقة ظهرت على الأرض: انعقدت القمة، وشارك فيها ممثلون عن معظم الدول العربية، واتُّخذت قرارات مؤثرة رغم الخلافات رغم تعقيدات الملف السوري حينها، والانقسام العربي حوله.

النجاح الأكبر لقمة بغداد لم يكن فقط في البيان الختامي، بل في استعادة العراق لثقة العالم العربي، وفرض حضوره السياسي والدبلوماسي من جديد. لقد بعثت القمة برسالة مفادها أن بغداد تستطيع أن تجمع العرب، لا أن تُقصى عنهم، وأنها قادرة على أن تلعب دور الوسيط لا المتفرج.

قمة بغداد كانت انتصارًا على الشك والخوف، على التهم الباطلة، وعلى الظروف الدولية والإقليمية المعقدة. أثبتت أن العراق لا يزال قلب الأمة، قادرًا على القيادة، والحوار، والتأثير، رغم جراحه.

إن ما تحقق في بغداد من حوارات ومناشة لملفات لم يكن مجرّد نجاح سياسي، بل لحظة رمزية في تاريخ العراق الحديث، أعادت إلى بغداد هيبتها، وأكدت أن لا صوت يعلو فوق صوت الإرادة الوطنية حين تتلاقى مع المصلحة العربية العليا.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام