آراء


محمد وليد صالح

هيمنة التدفق الإعلاميّ

22/04/2024

محمد وليد صالح
قيمة الحدث ليست عمومية في العمل الإعلامي ونسبيتها في بعض وسائل الإعلام ورسائلها، فترى القيم الإخبارية متباينة بينها، إذ ترى أن ما تتبناه وسيلة إعلام سواء أكانت صحيفة أم إذاعة أم تلفزيون من قيم إخبارية تختلف عن التي تتبناها وسيلة أخرى، تبعاً لفلسفة وسيلة الإعلام وأهدافها، فنجد هذه القيم أو المعايير التي تصل إلى مستوى نظام قيمي ينظر إليه نظرة تعميمية لدى المجتمع أو يعني بها كتّاب الأخبار التي تكوّن لديهم الحس الانتقائي، وهذه المعايير ليست فردية بل متعارف عليها وتعد مجموعة من الأفكار والمعتقدات وطرائق السلوك.
فالنظام الإخباري يسير على وفق مبادئ يمارس بموجبها المحترفون في وسائل الاتصال الجماهيري أحكامهم التقويمية وتفضيلاتهم لشئ على شئ آخر، مما يوجه عملية جمع الأخبار وانتقائها وتقديمها ونشرها بواسطة الأساليب المهنية وهي ليست بالضرورة وليدة خيالهم، إذ تمثل نتاج تفاعل عوامل عدة تسهم بشكل أو بآخر في بناء القصة الإخبارية.
الذي تسهم في تشكيله عوامل عدة تكمن في السياسة الإعلامية، وطبيعة التقاليد المهنية والذاتية والأفكار الاجتماعية التي يحرص على استحضارها القائم بالعملية الاتصالية ومدى توافر عناصر القصة الإخبارية، والجمهور المستقبل للرسائل ومدى الإفادة من مميزات التقانة التي تتمتع بها الوسيلة الاتصالية.
تطورت صناعة الأخبار مع تقانات الوسائل، وكذلك تتباين بين العالمين المتقدم والمتأخر بسبب التفاوت في إنتاج المعلومات وهيمنة الدول المتقدمة على وسائل الاتصال الجماهيري ومصادر المعلومات، الأمر الذي أدى إلى ترسيخ الفجوة الاتصالية بينهما، وأصبحت تعرف بـ(اختلال التدفق المعلوماتي)، وهذه المعايير ليست أزلية بل أن التحوّلات الثقافية تسهم في تشكيلها، وعلى سبيل المثال إذا كان الخبر في الدول الغربية يمثل تقريرا موضوعيا عن حدث ما، وفي العالم المتأخر يمثل الخبر بمحتواه ومصدره وقيمته، وهذا يتطلب تبني سياسة إعلامية دولية متوازنة لمعالجة الاختلال في التدفق المعلوماتي بين العالمين، فالمؤسسات لم تعد المصدر الخبري الوحيد والمنفرد في الساحة، وانما أصبح كل فرد بما يمتلكه من رصيد على صفحات التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها أشبه بوكالة خبرية ذات مستوى مصداقية ثابت وغير ثابت أحياناً، ووصف المنتدى الاقتصادي العالمي الأخبار الزائفة بأنها النار الرقمية.
وعلى الرغم من التباين الحاصل في المعايير الخبرية السائدة في العالم، فإن قيّم الحداثة والاهتمام الإنساني والقرب المكاني، نجدها صانعة للإخبار على وفق المقومات الإعلامية المهنية، بينما تركز تلك القيّم على التوجه التنموي وأهدافه، فهي إذن قيم وظيفية لتحقيق أغراض التنمية المستدامة ضمن المحددات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام