صراع طهران وواشنطن.. العبادي في مرمى نيران خصومه وطموحه السياسي تحت التهديد

سياسية |   12:44 - 09/08/2018


بغداد - موازين نيوز
تسببت العقوبات الامريكية على ايران في وضع رئيس الوزراء حيدر العبادي في مرمى نيران خصومه، خاصة الساعين الى منصبه، وأذكَت الجدل بين الفرقاء السياسيين العراقيين، في فترة يشتدّ فيها الصراع على السلطة وتُوظّف جميع المعطيات في محاولة ضرب الخصوم وهزيمتهم.
وبدا من السهل على زعماء أحزاب وقادة سياسيين التضامن بشكل مطلق مع طهران وانتقاد العقوبات ورفضها ودعوة حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي لعدم الالتزام بها، بدت الأخيرة في وضع محرج بين التزاماتها تجاه طهران، وواجب الحفاظ على مصالح حيوية تربط العراق بالولايات المتّحدة.
وقال العبادي خلال مؤتمر صحفي عقده في وقت سابق “لا نتعاطف مع العقوبات ولا نتفاعل معها ولا نعتبرها صحيحة”، وأردف “لكننا نلتزم بها لحماية شعبنا”.
ووجد السياسيون طريقا جديدا لمنافسة العبادي على كرسي رئيس الوزراء، من خلال إحراجه وتصويره منحازا للولايات المتحدة على حساب إيران.
واضطرّ العبادي أمام مواقف خصومه ومنافسيه على السلطة إلى استخدام صياغات مطاطة في التعبير عن الموقف من العقوبات من قبيل عدم “التعاطف” معها مع الالتزام بها في نفس الوقت.
ويعلم العبادي جيدا أنّه لا تزال لإيران كلمة مسموعة بشأن تشكيل الحكومة العراقية القادمة وتحديد من يرأسها، وأنّها تستطيع أن تقف حجر عثرة في طريق حصوله على ولاية ثانية، لكنه لا يستطيع في المقابل إغضاب حكومة ترامب ذي المواقف الحديّة الصارمة حتى تجاه أقرب الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة.
وانتقدت فصائل في الحد الشعبي واحزاب سياسية، موقف العبادي بالالتزام بقرار الإدارة الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية على إيران. وأجمعت في بيانات صحفية على عدم الانصياع لإدارة الرئيس ترامب.
وقال همام حمودي، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، “نحن نرفض العقوبات الأميركية اللاّمشروعة ضد إيران  وندينها ونعدها تهديدا لاستقرار المنطقة”.
 ودعا الحكومة العراقية في بيان صحفي إلى الطلب من “الإدارة الأميركية بعدم التزام العراق بتلك العقوبات”.
كذلك هاجمت موقف العبادي من العقوبات كلّ من عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي و كتائب سيد الشهداء وحزب الدعوة الإسلامية، وكتائب حزب الله، وجميع فصائل الحشد الشعبي، وعدد من الاحزاب السياسية، ورجال دين.
وطالب تحالف “الفتح” الممثّل السياسي للحشد الشعبي حكومة العبادي بموقف صريح مساند لإيران ضدّ العقوبات.
وقال حسن سالم، العضو بالتحالف في بيان صحفي، إنّه “يتوجب على الحكومة العراقية من باب الوفاء ورد الجميل أن تقف مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية موقفا شجاعا ومبدئيا لمساندة الشعب الإيراني الذي قدم الأرواح والمال والسلاح في محنة العراق الأمنية بدخول عصابات داعش”.
وقطع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي خطوة إضافية في التضامن مع إيران واجتمع بسفيرها في العراق إيرج مسجدي. وقال مكتب المالكي في بيان إنّ زعيم حزب الدعوة جدّد خلال اللقاء “موقفه الرافض للعقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب الإيراني المسلم”، داعيا المجتمع الدولي إلى “رفض سياسية التجويع التي تفرض على الشعوب”.
ودعا بيان المالكي  حكومة العبادي “إلى ألا تكون طرفا في هذه العقوبات”، كما دعا “الحكومات في العالم والمنظمات الإنسانية إلى إيقاف تلك الإجراءات العقابية ضد الشعب الإيراني وسرعة التحرك لمعالجة الانتهاكات وما يترتب على ذلك من وضع إنساني وحقوقي مأساوي”.
وتراجعت حظوظ المالكي كثيرا في المنافسة على منصب رئيس الوزراء بعد أن اكتفى ائتلافه المسمّى “دولة القانون” بالحصول على 26 مقعدا نيابيا في انتخابات مايو الماضي، ومع ذلك لا يزال يسعى للعب دور كبير في تحديد من يتولّى المنصب في الفترة القادمة.
ويعتبر المالكي حيدر العبادي رغم انتمائه لحزب الدعوة الذي يقوده المالكي نفسه منافسا وخصما.
ولم يخرج خطاب وزارة الخارجية العراقية بشأن العقوبات على إيران عن هذه الصياغة المرنة، حيث ورد في بيان صدر الأربعاء عن  ‏المتحدث الرسمي باسم الوزارة أحمد محجوب أنّ “العراق يرفض مبدأ الحصار على أي دولة والذي يلحق الضرر بالدرجة الأولى على الشعوب بمختلف شرائحها الاجتماعية”، مضيفا “في الوقت الذي تشيد فيه الوزارة بموقف الجمهورية الإسلامية مع العراق في مواجهته للإرهاب، فإنها تدعو المجتمع الدولي إلى الضغط من أجل ثني الإدارة الأميركية عن الاستمرار بهذه العقوبات”.
ويكشف موقف الحكومة العراقية من العقوبات الأميركية المفـروضة على إيران عن وضعها في زاوية ضيقة، وأنها لا تملك خيار رفضها وعـدم الانخراط فيهـا، بدون خسارة كبيرة جدا على مختلف الاتجاهات السياسية والامنية و الاقتصادية.
 ووفق نظام العقوبات الامريكية ستكون بغداد بشكل رئيسي تحت مجهر الملاحظة الأميركية لأن دور العراق بحكم الجوار الجغرافي مع إيران يستطيع أن يكـون مفصليا في إحباط العقوبات وإفشالها، او جعله الأداة الأكثر ضغطا على ايران.
وبحسب معطيات الاوضاع في الشرق الاوسط، والذي يمثل العراق فيه المحور الرئيس، والساحة الاكثر استعرضا للقدرات العسكرية و السياسية لواشنطن وطهران، فان اي حكومة عراقية قادمة مهما كانت تركيبتها والشخصية التي سترأسها، لن تغامر في الوقوف ضد العقوبات بشكل رسمي او غير رسمي، إلا إذا أرادت أن تدخل في صراع غير متكافئ وخاسر سلفا مع الولايـات المتحدة، لانها ما تزال الطرف القوي وتقريبا الاوحد في معادلات القوى العالمية.انتهى29


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام